شرح أصول السنة لإمام أهل السنة أبي عبد الله أحمد بن محمد بن حنبل رحمه الله تعالى 164-241 هـ
الخروج على الأئمة
36- ومن خرج على إمام من أئمة المسلمين وقد كان الناس اجتمعوا عليه وأقروا له بالخلافة بأيِّ وجه كان بالرضا أو بالغلبة فقد شق هذا الخارج عصا المسلمين، وخالف الآثار عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فإن مات الخارج عليه مات ميتة جاهلية .
37- ولا يحل قتال السلطان ولا الخروج عليه لأحد من الناس، فمن فعل ذلك فهو مبتدع على غير السُّنّة والطريق .
الخروج على الأئمة رأس> يحصل به مفاسد كثيرة، فيحصل به فتن وقتل واضطهاد لأهل الخير، ويحصل به إذلال لأهل الدين، ولأهل الإيمان، ولأهل العلم، ولأهل العمل الصالح، ويحصل بذلك مفاسد، وقد جرب ذلك في العصور الأولى، كالذين مثلا خرجوا على الحجاج اسم> في ولايته، كابن الأشعث اسم> لما خلع بيعة أمير المؤمنين عبد الملك اسم> وخلع طاعة والي العراق اسم> الذي هو الحجاج اسم> واجتمع معه خلق كثير، حتى أن منهم كثير من علماء التابعين في ذلك الوقت، فحصل أنهم لما انتصر عليهم الحجاج اسم> فُرِّقوا وقُتلوا، وقتل بذلك خلقًا كثيرًا، وكان من آخرهم سعيد بن جبير اسم> -رحمه الله-.
كذلك أيضًا الفارس أو المقاتل الفاتح العظيم الذي هو قتيبة بن مسلم اسم> لما خلع طاعة سليمان بن عبد الملك اسم> حصل أنه قوتل حتى قتل، وقال ابن كثير اسم> إنه ينطبق عليه الحديث أن من مات وليس في عنقه بيعة مات ميتة جاهلية، ولكن ترحّم عليه؛ لأنه كان له جهد في الجهاد، وفتح الكثير من البلاد، بلاد السند اسم> وما وراء النهر .
وهكذا ابن المهلب اسم> لما خلع أيضًا الطاعة، وحاول أن يستبد بالأمر، حصلت فتنة.
وهكذا في آخر عهد بني أمية خرج زيد بن علي بن الحسين اسم> وحاول أن يتم له الأمر، فقتل وقتل من معه واضطهدوا.
وكذلك في خلافة المنصور اسم> خرج اثنان من العلويين، وهما محمد بن عبد الله بن الحسن اسم> وأخوه العباس اسم> وكل منهما بايعه خلق كثير، ثم قُتلوا.
وبكل حال، فلا يجوز الخروج على الأئمة، لما يحصل بذلك من الإذلال والإهانة لأهل الخير، ومعلوم أن الأئمة في أيديهم الولاية فتجب طاعتهم إلا في المعصية، ويحرم الخروج عليهم إلا لما قاله النبي -صلى الله عليه وسلم- رسم> إلا أن تروا كفرًا بواحًا عندكم فيه من الله برهان متن_ح> رسم> . رسم> وقال، لما قيل: ألا نقاتلهم؟ قال: لا ما أقاموا فيكم الصلاة متن_ح> رسم> .
فمتى كانوا يقيمون الصلاة ويُظهرون شعائر الإسلام؛ ولو حصل منهم خلل أو نقص، أو لوحظ على بعضهم شيء من المعاصي والتقصير، فإن ذلك لا يسبب الخروج عليهم.
مسألة>